أنف الرعاية الطويل

قرأت تصريح اتحاد الكرة التعقيبي على تصريحات الرئيس الهلالي الذي اشتكى من سرقة حقوق النادي والجماهير الزرقاء بحرمانهم من حصتهم القانونية في مدرجات لقاء الفريق الماضي ضد الوحدة.

ويبدو أن لغة المنطق والشفافية التي نتوقع سماعها من مسؤولي الرياضة في هذا الوطن قد تحولت الى لغة طفولية مرتبكة تصرخ و تهدد وتثور دون أن تحمل أي إشارة الى لغة ثقة نابعة من وضوح الرؤية والإجراءات وسلامة الممارسة التنفيذية لتصبح قادرة بالتالي على اقناع المتابعين وكسب احترامهم.

إن تراكم الممارسات الخاطئة تاريخياً وامتدادها حتى اللحظة من قبل هيئة حكومية يفترض أن ترعى الرياضة والمنافسات الشبابية بأمانة ، و عدم استشعار هذه الهيئة للمأزق التاريخي الذي تجر اليه المنافسات الكروية بفضل تخبطات مسؤليها إنما هو أشبه بكرة ثلج هائلة تدحرج بصلف من مقاعد الجلد الباذخة ولا يعلم أحد أيه هاوية تنتظر مستقبل الكرة لدينا ولا أي نيران تشتعل بضراوة في المدرجات ويستقر لظاها عميقاً في وعي الجماهير.

إن المسؤول الذي يفترض به أن يئد التعصب الكروي هو من يعمل على ايقاده ببلاهة للأسف، واذا كانت لغة الحديد و التهديد والوعيد التي كتب بها البيان على عجل قد تنجح رسمياً في تكميم أفواه المسؤلين الهلاليين ومنعهم إعلامياً من حرية التعبير عن ظلم صريح تعرضوا له، فإن تلك اللغة الطفولية لا تستطيع النفاذ ولا التأثير على الملايين في المدرجات وخلف الشاشات ممن يبحثون عن خطاب نزيه وعقلاني يبرر ممارسات مسؤوليه بلغة القانون والمنطق لا بلغة الحديد و النار و المنع والتكميم التي عفا عليها الزمن وصارت مثاراً للتندر على المستوى الشعبي.

كان يمكن ببساطة اقناع الرأي الرياضي العام بسلامة اجراءاتكم الاخيرة لو اتكأ بيانكم يا حضرة المسؤل على مادة قانونية أو نص في لوائحكم الكريمة بدلاً من بيان السقوط الشنيع الذي صيغ بلغة لا اريكم الا ما أرى !

و اذا كان مبرر هذا البيان السلطاني المزمجر هو فقط الحفاظ على كرامة موظفي الاتحاد فلماذا لم تحفظ كرامة حكام الاتحاد السعودي الذين تنتهك أعراضهم من قبل مدرجات أندية معروفة ويوصفون فضائياً بعبارات مخجلة من مسؤلي أندية تعلمونها وتكنون لها الود لتتجلى حقيقة أن الموضوع كله إنما هو مجرد استقصاد وملاحقة شخصية للرئيس الهلالي الشاب ، ومضايقة واستفزاز للهلال الكيان خارج الملعب في وقت عجز فيه احد عن ايقافه داخل حدود الملعب.

ما أشاهده كمراقب هو مسلسل كذب طويل يتم بثه من مكاتب الرعاية - رعاية الشباب - ويتم حمايته بمنطق القوة و خطاب العنف لاقناع المتابعين بجماله و مصداقيته رغم أن للشعوب عيوناً ووعياً فارعاً لا تطوله بيانات كتلك التي أصبحنا نقرأها كل يوم وتطالبنا بتصديق تلك المسلسلات التي لفت أشرطتها على عجل.

حين أتابع الكذبات الاخيرة للرعاية مثل حادثة تمرير الرعاية لنقل مبارة الفيصلي والنصر لارض الاخير بمقابل مادي رغم صدور قرار صريح بالمنع العام الماضي، وحادثة منح جميع الاندية 70% من المدرجات للمباريات المقامة على ارضها في مسابقة كأس ولي العهد ومنح الهلال وحده 50 % فقط ، وحادثة تسجيل محترفين اتحاديين جدد رغم عدم توقيع مخالصات مع المحترفين السابقين، ومعاقبة الهلال لتلفظ جماهيره و غض الطرف عن الفاظ الجمهور الاتحادي، و غيرها من المسلسلات الرديئة في ساحتنا الرياضية.

حين أتابع كل ذلك الكذب يثب على الفور الى ذهني خيال الشخصية الاسطورية الكرتونية بينوكيو Pinocchio للروائي الايطالي كولودي والتي يستطيل أنفها كلما كذبت كذبة جديدة حتى أن بينوكيو لم يستطع الخروج من منزله مرة بسبب حجم انفه الذي استطال لدرجة كبيرة بسبب الكذب المتتابع مما جعله حبيس منزله !!

أود أن أهمس للمسؤول عن تمرير تلك الممارسات واصدار تلك البيانات المخجلة افتح النافذة يا عزيزي لترى أن أنف الرعاية قد تعدى حدود شارع الجامعة ووصل الى برج المملكة وان أنف الرعاية الطويل لا يمكن حجبه ببيان واقناعنا بجماله ، وأنه ربما حان الوقت لتخفيف مسلسلات الكذب حتى تستطيعوا الخروج من مكاتبكم بسلاسة ومواجهة الناس بدلاً من التستر خلف مصدر مجهول، ووقتها فقط ربما يعود أنف الرعاية الى وضعه الطبيعي ويصبح بالامكان مواجهة التعصب الرياضي والاحتقان الجماهيري !! ووقتها لن يحتاج الرئيس الهلالي الشاب الى مخاطبة أنصاره الى أن الفريق يفوز رغم هذا الأنف الطويل

جزاك الله كل خير على المواضيع الجميلة